رمضان المعظم

بسم الله الرحمن الرحيم

ما قيمة اللحضات السعيدة إن كنا لا نستفيد منها و نعيشها و نحسس بسعادتها ؟...
قال تعالى:~ أيها اللذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على اللذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر و على اللذين يطيقونه فدية طعام مساكين فمن تطوع خيرا فهو خير له و أن تصوموا خير لكم ~
...في حياة كل إنسان لحظات غالية من العمر حيث تبدو لكل لحظة من الزمن قيمتها فليست كل اللحظات سواء ..ثمة أوقات مباركة تتحقق فيها الانجازات بينما أوقات أخرى تذهب هدرا وتضيع مخلفة وراءها مرارة وحسرة وأمنيات حزينة بالرجوع الذي لا يمكن أن يحصل أبدا ، وإذا نظر كل إنسان إلى حياته لوجد كل إنجازاته وقد تحققت في مساحة محدودة جدا من الأوقات بينما ضاعت أوقات أخرى كثيرة في حالة من النوم الثقيل ليس فقط فوق الفراش فالكثيرون يغطون في هذا النوم بينما عيونهم مفتوحة وأجسادهم متحركة فالقلوب لاهية عن حقيقة الحياة وعن مسار كل إنسان فيها فهذا استغرقه حزن دفين على أمنيات خادعة لم تتحقق وهذا يلهث خلف السراب عله يروي عطشه وهذا لا يفكر إلا في كيفية أن يتفوق على أقرانه في حاجيات الدنيا وقد اشتدت حلبة المنافسة والصراع أما هذا فقد استغرقته المتع والرفاهية وحياة الراحة السهلة الناعمة وبين كل ذلك ضاع العمر والشباب والصحة ومرت الأوقات الفاضلة حزينة على حال أهل الأرض الذين لم يشعروا بمرورها ولم يتعرضوا لنفحاتها ونسائمها الطيبة ولم يقدروا فضل الله عليهم بها .
فهل نكون ممن عاينهم الرحمن بقوله سبحانه و تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم :{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} صدق الله العظيم .
صوم شهر رمضان المبارك هو الركن الرابع من أركان الإسلام وقد كتبه الله على هذه الأمة وقوله: (كتب) بمعنى فرض، فالصيام مفروض على هذه الأمة كما هو مفروض على من قبلها من الأمم وإن اختلفت كيفيته ووقته.
أنه عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه بترك محبوباته من طعام لينال بذلك رضى ربه، وخالقه والفوز بدار الآخرة .
إننا نستقبل ضيفاً عزيزاً غائباً لا يفدُ إلينا إلا مرة في العام، يزورنا غبَّاً فنكون له أشدُّ حبّاً، ضيفٌ تَخفق بحبه القلوب، وتشرئب إليه الأعناق، وتتطلّع الأعين لرؤية هلاله، وتتعبَّد النفوس المؤمنة ربَّها بذلك.
ها هو شهر رمضان فهل سنتحرك أم أننا سنظل نرقبه حتى يمر ثم نبكي حظنا وضعفنا الذي جعلنا نهدر الفرصة ونضيع الأوقات الفاضلة التي تمنحنا فرصة أن نضيف لعمرنا عمر آخر ولحياتنا حياة أخرى غنية متجددة حياة تساوي كذا شهر أي سنين وسنين أخرى من الطاعة والقرب فكأننا في حياة ممتدة .
وأخصك بالذكر أخي المسنمع يا من تقض نهار رمضان بين مشاهدة أجمل وأغرب الأطباق على شاشات الفضائيات متنقل من قناة إلى قناة ثم تقضي باقي النهار داخل مطبخك في إعداد ما ألذ وطاب حتى ربما يؤذن عليك المغرب وأنت لاتزال منهمكا في مطبخك ، يا من يكون شهر رمضان هو الوقت المثالي لها للتنظيف السنوي للبيت ، و يا من تقضي العشر الأواخر في صناعة حلوى العيد ، و يا من تقضي ليل رمضان في متابعة المسلسلات ويمر عليك وقت السحر حزينا وأنت لا تشعر بألم يئن لك أن تقف وقفة تطهر فيها روحك وتنتفض على رتابة أيامك وقفة عز لنفس أثقلتها الأعباء وقفة تقول فيها لا لسرقة عمري وحياتي ووقتي الذي هو أغلى ما أملك و أكسب ؟ .
إذا كان لابد لك من وقفة فلا أفضل لك من أن تقفها هذه الأيام قبل أن يظلك الشهر الكريم فما رأيك هلم بنا نؤمن ساعة ولتكن ساعة الإيمان هذه ساعة يمتزج فيها الشعور بالحياء من الله عز جلاله والعزم على التوبة الصادقة بالتخطيط لإدارة حياة جديدة تمثل التطبيق العملي لحياة التائبين الخاشعين...